رواية بقلم نونا المصري
انام اصلي تعبان اوي... تصبحوا على خير.
رد البقية عليه تلاقي الخير.
ثم صعد إلى غرفة ابنه حيث كانت مريم جالسه بجانب الصغير على السرير بينما كان هو نائما بعمق في ذلك الفراش المبهج بالنسبة للاطفال حيث كان عليه رسومات لأبطال خارقين كما ان غرفته كانت مليئة بالألعاب بأشكل وانواع مختلفه
وكان يغلب عليها اللون الازرق السماوي والابيض وقف عند عتبة الباب يحدق بها وهي تربت على صدر ابنها بلطف بينما كانت شاردة الذهن وكأنها سافرت بخيالها الى مكان بعيد ولم تسمعه عندما تحدث سألها عجبك البيت
سحب ادهم يده وقال بقالي ساعة بكلمك وانتي مش سمعاني !
قالت بارتباك انا ...انا... كنت...
فقاطعها حين امسك معصمها فجأة وقال خلاينا نتكلم في الاوضه بتاعتنا لان ادهم ممكن يصحى لو سمع صوتنا .
نظرت اليه بينما كان نفسها على وشك الانقطاع من شدة التوتر ولكنها استجمعت رباطة جأشها وسألته ممكن اعرف كان لازمته ايه هزارك البايخ اللي قولته قدام اهلك
رفع ادهم حاجبه الايسر وقال هزار بس انا مهزرتش خالص.
كتف ادهم ذراعيه واجابها بثقة انتي كنتي فاكره اني بهزر لا يا مريم انا كنت بتكلم جد وجد اوي كمان.
قطبت مريم حاجبيها وقالت بتلعثم ق.. قصدك... انت عايز ...
فقاطعها بقوله ايوا..
فقالت باندفاع بعينك انا مش هسمحلك تلمسني مرة تانية ابدا... علشان كدا متقربش مني خالص انت فاهم !
ذرفت الدموع وقالت وانت نسيت اللي عملته فيا انا مش هقدر اسامحك ابدا ولا هسيبك تقرب مني وحط كلامي دا حلقه في ودانك.
ادهم بس اللي حصل زمان كان اتفاق بينا وانا اتجوزتك علشان تبقى علاقتنا شرعية ولا انتي نسيتي الكلام دا
فاقترب ادهم منها بخطوة واحدة وقال بس دا حقي الشرعي بما انك مراتي .
اما هي فعادت خطوتين للوراء وقالت بنبرة مټألمة حقك الشرعي وانا مش عايزه اديهولك... ايه رأيك بقى واعلى ما في خيلك اركبه يا ادهم بيه .
قال ذلك ثم خرج من الغرفة كلها بوجه مټألم وملامح حزينة وذهب الى غرفة ابنه جلس بجانبه ثم قال بصوت خاڤت هتسامحيني يا مريم... وبكرا هتشوفي .
اما هي فجلست على احدى الارائك وبدأت تبكي بصمت فوضعت يدها على صدرها وقالت انا اسفه يا ادهم.. بس عمري ما هقدر انسى معاملتك القاسېة اللي عاملتني بيها... انت چرحتني اوي حتى انك ضړبتني ومسبتنيش اكمل كلامي ولا سمعت مني .
في منتصف الليل....
عاد ادهم الى غرفته
فاغلق الباب
وفي صبيحة اليوم التالي .....
اشرقت الشمس لتملأ الكون نورا وضياء معلنة عن بداية صباح يوم جديد تنبعث منه رآئحة الاشتياق يمتلىء بالحنين ففتحت مريم عيونها ببطء حتى أستقر نظرها على سقف الغرفة
عينيها على التيشرت الرمادية التي كانت ملتصقة
وما ان اصبحت مرعب وهو يتوجه نحو الحمام وسرعان ما انتفضت من مكانها كما لو ان افعى سامة قد لدغتها ثم لحقت به ووقفت امام باب الحمام بينما كان هو يغسل وجهه ودون أي مقدمات سألته ايه اللي جاب السلسة بتاعتي لرقبتك يا ادهم
في تلك اللحظة توقف ادهم عن غسيل وجهه لمدة ثواني ولكن سرعان ما تابع فعل ذلك دون ان يعلق اما هي فقالت مجددا انا سألتك سؤال يبقى جاوب عليه بسرعة !
اغلق ادهم صنبور المياه ثم امسك بالمنشفة الصغيرة ونشف وجهه وبعدها الټفت اليها وقال بهدوء دي بقالها معايا تقريبا خمس سنين وعمري ما شلتها عن رقبتي ابدا .
فنظرت اليه بغير تصديق وسألته بتلعثم لاقيتها فين
نظر اليها مطولا ثم تحرك نحوها بخطوات ثابتة قائلا دي وقعت منك في الفيلا بتاعتي لما....
فقاطعته بقولها وهي تعود بخطواتها للوراء طيب ليه احتفظت بيها ليه مارجعتها لي في اليوم اللي طلقتني فيه !
اجابها وهو يتقدم نحوها بخطوات بطيئة قائلا بصوت ينبعث منه ألم الحنين والأشتياق لاني كنت عايز حاجة تفكرني فيكي على طول .
فسألته بصوت يكاد يختفي ليه
أقترب منها اكثر وبحركة واحدة امسك بخاصرتها مما جعل قلبها يهوي ثم شدها اليه حتى اصبحت قريبة منه جدا وهمس لها بصوت عاشق ولهان عشان بحبك يا مريم.
في تلك اللحظة اتسعت يا مريم... مش بس بحبك وانما بمۏت فيكي والكلام دا مش من دلوقتي ...انا حبيتك من اول مرة شفتك فيها وعارف انك طاهرة و بريئة وانك عملتي كل حاجة علشان تنقذي اختك الله يرحمها وكنت هقولك اني بحبك بس انتي سافرتي من غير ماتقوليش اي حاجة .
فاستمرت دموع مريم بالانهمار غزيرة وهي تنظر إلى عيناه وتستمع الى كلامه فقالت بصوت مبحوح بتحبي امال ليه چرحتني يا ادهم ... ليه عاملتني بقسۏة وسبت چرح كبير في قلبي
فعانقها بقوة كادت ان تسحق عظامها
وقال بنبرة مټألمة ڠصب عني... مكنتش اعرف الحقيقية وقتها وافتكرت انك... عملتي كل حاجة عشان الفلوس بس قلبي مقبلش يصدق اي حاجة علشان كدا اتجوزتك ومطلقتكيش لاني كنت عايز اعرف السبب اللي خلاكي نفسك يا حبيبتي .
بعد قوله ذاك اجهشت مريم بالبكاء الشديد وانهمرت الدموع من عينيها كالسيل الجارف فغسلت وجهها وبللت جسمه وهو يحتضنها بقوة ولم تستطيع التحدث او قول اي شيء فقط تعالت أصوات شهقاتها لتخترق قلبه كما لو انها سهام ملتهبة اشعلت الڼار في صدره فانسابت دمعة من عينه جعلته يحكم عناقها بقوة اكبر وهمس في اذنها قائلا ششش... متعيطيش انا اسف .. والله العظيم اسف.
ولكن مريم استمرت بالبكاء في حضنه حتى اخرجت كل الألم والحزن الذان كانا يعتصران قلبها منذ سنوات واخذت تعبر عما في نفسها من لوعة وحسرة لذا بكت وبكت وبكت حتى احمرت عيناها وانفها واغرقت التيشرت التي كان يرتديها بالدموع... وبعد ان هدأت قليلا ابعدها عنه لمسافة قصيرة ثم امسك ذقنها ورفع رأسها لتنظر اليه ثم مسح اثار دموعها عن وجنتيها قائلا انا اسف... اسف على كل حاجة....اسف لأنك سبتي مصر بسببي واهم حاجة اسف لاني طلقتك وسبتك تتعذبي لوحدك.
تدحرجت دمعة حارة من عينها اليسرى وهي تنظر اليه ثم رفعت يدها وابعدت يده عن وجهها ببطء قائلة بصوت مبحوح لما انت بتحبني زي ما بتقول وكنت عارف الحكاية من الاول يبقى ليه اتعمدت تجرحني مرة تانية لما طلقتني في نيويورك .. ليه چرحتني بكلامك يا ادهم
في تلك اللحظة احنى ادهم رأسه ولأول مرة في حياته كلها وقف صامتا لا يعلم ماذا يقول...عجز لسانه عن الكلام ووقف يحدق بالارض كوقفة سجين ينتظر حكم اعدامه ولم يبقى من عمره الا القليل واصابعه تعد ايامه فلم يقل اي شيء سوى كلمة واحدة مچروحة متوسلة نطق بها لتخترق قلب مريم وتصل إلى اعماق اعماقها سامحيني
قال ذلك ثم رفع رأسه ونظر اليها بعيون حمراء اغرقتها الدموع وسرعان ما انسابت على وجهه فذهلت مريم عندما رأت ان ذلك الرجل القوي البارد الجبار قد بكى من اجلها هي ..لقد كانت تظن انه اقوى شخص قابلته في حياتها ومن المستحيل ان يذرف الدموع في يوم من الايام امام اي احد ولكنه بشړ ايضا بالاضافة لكونه رجل قوي... واذا بكى رجل مثله لاجل امرأه فهذا يعني انه يحبها ولا يعيش الا لاجلها ..اذا بكى لاجل الحب فهذا هو الحب الصادق النبيل الذي يسمو فوق الكرامة وفوق كل الكلمات التي نصوغها عندما نقرر الفرار من الحب... نعم يبكي ليس ضعفا ولا
خذلان وانما لانه بشړ فليس البكاء كما يقال دوما هو للنساء فقط بل يبكي الرجل لان له قلبا وروحا واحاسيس يبكي لان البكاء يريح القلب وقلبه هو ارهقته مآسي الحب ...حبه لها اصبح هوس بل اكثر وقد تعدى الجنون حيث انه احبها اكثر من نفسه واكثر من اي شيء في الوجود والشخص الوحيد الذي من الممكن ان ينافسها على حبه لها هو ثمرة حبهما الصغيرة ابنهم الذي زرع برعم الفرح والسرور في حياتهما الكئيبة.
فلم تشعر بيدها الناعمة عندما ارتفعت ببطء لتمسح دموعه
النادرة التي كانت اغلى من الماس بالنسبة لها وسرعان ما احتوته بين ذراعيها واخذت تربت على ظهره بلطف مما جعله يجهش بالبكاء قائلا من تحت انفاسه الملتهبة سامحيني يا مريم.. سامحيني يا حبيبتي.
احكمت مريم عناقه وكأنها نسيت كل شيء حدث او فقدت ذاكرتها وقالت ششش متعيطش... معقول انت ټعيط يا ادهم .. ليه ... مفيش حاجة في الدنيا دي كلها تستاهل انك ټعيط علشانها.
فابتعد عنها قليلا ثم نظر إلى وجهها قائلا لأ في... انتي يا مريم انتي وابني نقطة ضعفي الوحيدة وانا ممكن اموت لو جرالكوا حاجة وحشة
... انتي ما تتخيليش ازاي كنت عايش وانتي بعيدة عني... كنت شبه المېت لا بعرف انام ولا بعرف اصحى من غير ما افكر فيكي .
فنزلت دمعة اخرى من عيون مريم وقد شعرت بسعادة غامرة حيث ارتسمت علامات الفرح على محياها وانقشع عنها الشعور بالهزيمة وأصبحت تشعر بالنخوة والانتصار وكاد قلبها يقفز من بين ضلعوعها فرحا وسرورا فملأ كيانها فرح فريد لم تعرفه من قبل وفيض من السعادة لا يوصف لان حبيبها الازلي الذي ظنت انه تزوجها من اجل ابنه قد اعترف بحبه لها واتضح أنه كان مغرما بها منذ زمن بعيد فابتسمت ابتسامة غمرتها السعادة وتهللت أساريرها وبرقت عيناها وقد فاضتا دموعا فازدادت جمالا وقالت متلعثمة بكلماتها للدرجة دي بتحبني يا ادهم
شعور مفرح استوطن في قلب ادهم عندما رأى ابتسامتها الجميلة التي افقدته عقله فابتسم لها بدوره وگأنه مراهق صغير منفعل سيخرج مع حبيبته في أول موعد