أغلال الروح شيماء الجندي
وأطلعها على سره الأعظم دون مجهود منها بل برغبته الكاملة وكأنها ساحرة
اعتدل يضع يده فوق جبهته مټألما حين بدأ الصداع يداهمه و يكاد يفتك برأسه و داخله حيرة شديدة من تناقضه و اختلال توازن تفكيره منذ رؤيتها
عقد حاجبيه حين استمع إلى صوت مناوشة خفيفة بالخارج و وقف يتجه إلى مصدر الصوت من جهة الزجاج المطل على الحديقة ورفع حاجبه حين وجدها تقف عاقدة ذراعيها أسفل صدرها أمام الحارس و من الواضح أن النقاش يحتد من طرفها أزاح الزجاج يتجه إلى الخارج و هو يراقب الحارس يركض تجاهه وكأنه أنقذه من ڠضبها الساحق يردف برفض واضح لفعلتها
ثم
أشار إلى حطام الهاتف أمام قدمها اليمنى و نظر آسر حيث أشار ثم رفع عينيه إليها و قال بهدوء وهو يصرفه
خلاص روح أنت وأنا هجيبلك غير اللي اتكسر
لم يصرف عينيه عنها بل بدأت مقلتيه تجوب ملامحها الساكنة و رأسها التي ترفعها بشموخ و تحدي و تنتظر رد فعله بهدوء كأنها لم ټحطم هاتف الرجل منذ دقائق و كان من الممكن أن يتفاقم الأمر إن لم يستمع إلى النقاش من الداخل
فداك كل دا رايحة فين بقا في وقت زي دا
صمتت لحظات من دهشتها بالفعل حيث كانت تنتظر منه ثورة عارمة على تصرفها الشرس لكنها حين وجدته يتجاوز الأمر ويسلط الضوء على هدفه أشهرت سبابتها بوجهه و أردفت بنبرة تحذيرية واضحة للغاية
تجاهل محاولتها الفاشلة بتشتيت انتباهه و بدأ يتحرك تجاهها و هو يضيق عينيه و يسألها بترقب
رايحة فين ياسديم
عادت إلى الخلف تحاول الابتعاد عنه إلى أن إلتصق ظهرها بالبوابة خلفها و لعنت داخلها تجز فوق أسنانها بقوة حين وجدت الحاجز المعتاد بظهرها وهو يحاوطها بجسده العريض و هذا الوضع يجعلها بأوج توترها و صارت لديها شكوك أنه يتعمد انتهاج سياسة التلاعب بها عقدت حاجبيها حين لاحظت الطريق الذي تسلكه أفكارها في حضرة هذا الرجل فقط دون غيره
دي حاجة تخصني و ياريت تبعد وتنبه عليهم ميحاولوش يوقفوني تاني
مال برأسه تجاهها و أصبحت المسافة شبه معډومة بين وجهيهما وقد تعمد تجاهل حديثها يقترب بوجهه منها هامسا لها بهدوء
بللت شفتيها و همست له و هي تحاول دفعه من صدره و قد أبعدت رأسها عنه ونظرت إلى الجهة البعيدة و تركت عنها المزين بعقد سليم أمام عينيه وقد تسللت يده بخفة إلى عنقها من الخلف و اقترب منها
دي حاجه تخصني أنا بخرج في أوقات أسوأ من دي كمان اوعاا بقاا
لا مفيش الكلام دا عايزة تخرجي هخرج معاك لو مصممة
اتسعت عينيها حين أعلن هاتفها عن مكالمة هاتفية و زفرت پغضب تقول بتوتر
عاجبك كدا أهو كريم وصل برا لو أميرة شافته هتبقا کاړثة
عقد حاجبيه پغضب حين اخرجته عن طوره فجأة وعلم أن محاولة خروجها لأجل هذا الخبيث بينما ارتفع صوته يردف هو كريم باشاا اللي برا
وضعت يدها أعلى شفتيه و قالت بأعين متسعة
يخربيتك بقولك مش عايزة حد ياخد باله
أصابتها القشعريرة حين وضعت يدها أعلى شفتيه مباشرة و توترت ترفع يدها على الفور بينما ظهرت بسمة صغيرة فوق شفتيه و استمع إليها تبرر بخجل و أعين زائعة حين وجدت أنه لا مفر منه سوى أن يعلم أسباب مقابلتها مع رفيقها
أنا لازم أسيب مع كريم حاجة نسيت اديهاله النهاردة لما شوفته بسبب طريقتك معاه حلو كدااا عايز تيجي معايا تشوف بنفسك اتفضل تعالى يلا
ابتعد عنها وقد أعجبه العرض الخاص بها ليذهب معها إذا خير له أن يتركها معه تكمل سلسلة أسرارها
خرجا من البوابة و بسمة انتصاره تتلاعب فوق شفتيه و لاحظتها لتقول پغضب واضح
على فكرة لولا الموضوع مش هيضرني لوحدي كنت اتخانقت فيك للصبح ومكنتش نفذت اللي أنت عايزه
هز رأسه بالإيجاب و أجابها بثقة و مكر
آه طبعا أكيد
عقدت حاجبيها و أقبل كريم عليهما يقول بهدوء
فين ياسديم
أخرجت من جيب بنطالها قطعة حديدية صغيرة و وضعتهت فوق راحة يده تقول بتحذير
كريم خد بالك و فيه فايل متقربش منه عليه حرف وبكرة هحولك المبلغ من جديد تمام كدا
عقد آسر حاجبيه بينما انصرف كريم ركضا تجاه سيارته بعدما أكد عليها أن تتصرف بحذر والآن تفاقم الڠضب داخله منهما وكأن مايحدث أمامه لغز ماذا تحوي تلك القطعة التي اعطتها له ولماذا الأمر هام إلى درجة خروجها ليلا و مقابلة هذا اللعېن في الخفاء و تزداد الأسرار و علامات الاستفهام داخله تجاهها كلما حاول تزيينها بالبساطة داخل عقله فاجئته بعقدة جديدة و في خلال يوم واحد تظهر شقيقتها ورفيق عمرها ولكن هذا الرجل المقرب لها إلى تلك الدرجة يخرجه عن طوره و يدفعه إلى شراسة غير معهودة بل هى ذاتها تدفعه إلى ذلك بالرغم أنه لا يؤيد المعاملة الفظة تجاه حواء لكنها تتعمد فك أسر مارده و إشعال فتيل غضبه بطريقتها
أمسك ذراعها و أدارها إليه پغضب و هدر منفعلا
أنا عايز افهم دلوقت حالا بتعملي إيه دي عصاابة حتى الدكتور بتاعك شريك معاكم
و حين تحتاج إلى سكن الروح لا تبحث عبثا عن سراديب الأسرار لن تجدها إلا إن أرشدك صاحبها فأرواحنا عامرة و تنتظر الرفيق الأمين و لكنها مليئة بالسراديب
الفصل الثالث عشر معك
مر شهر ونصف ولازالت تتجنبه بطريقة غريبة منذ تلك الليلة التي تركته بها بين ظلمات الظنون والشكوك و بالرغم من ذلك هو لا يصدق أنه شديد التناقض إلى هذا الحد يلازمه الهدوء و السکينة بحضرتها و في ذات التوقيت النظرة داخل متاهة عينيها تكاد تدفعه إلى الجنون من فرط تشابك الأحاديث الصامتة داخلها
لاحت بسمة صغيرة فوق شفتيه حين تجسد أمام عينيه الآن تصرفاتها هادئة و جلستها أغلب الوقت مع عمه و ابنته الصغيرة نورهان التي أصبحت مسحورة بها و تعلقت بها بشكل مريب و بالرغم أنها لا تحاول العبث معه لكنه لا يمنع حاله من محاولات صغيرة بغرض مشاكستها و إثارة ڠضبها بالحديث أمام الجميع و هذا أيضا أصبحت تتجاهله حين أدركت أنه يتعمده ولكن سؤال الجدة ليلة أمس بعد رؤيتها إياه أخيرا بصحة جيدة يدور داخل عقله حيث قالت ببسمة ماكرة
حمدلله على السلامة ياآسر مشوفتش سديم من الصبح بسأل عليها مش موجودة
نظر إليها عاقدا حاجبيه و أجاب بدهشة وهو يبحث بعينيه عن أثرها خلف زجاج غرفتها لا مشوفتهاش بس مش موجودة إزاي يعني سألتي عمي عليها
ابتسمت له و قالت بهدوء اهدى ياحبيبي اټخضيت كدا ليه هي أكيد مش هتهرب مننا كنت فاكراها عدت عليك الصبح ولا هي لسه بتتجنبك
عقد حاجبيه و استقام واقفا يقول باقتضاب
لأ مش بتتجنب ولا حاجه كل الحكاية إنك عارفاني مش بتكلم غير في شغل معاها و هي أكيد زهقت
ابتسمت له بلطف ثم همست بحزن عندك حق أنا عارفاك
ألقى نظرة خاطفة عليها ثم انصرف من أمامها و الآن تذكر الحديث و النظرات ما الذي تقصده الجدة بالتحديد
وقف فجأة حين خطړ على باله أنها أصبحت شديدة القرب لها إنها سديم غريبة الأطوار هل يمكن أن تتبادل معها الحديث بشأنه جدته ليست ساذجة و من الممكن أن تكشف ما يدور حولها بأي لحظة
أسرع يخرج من مكتبه و يتجه إلى غرفة مكتبها ثم فتح الباب فجأة لكنه وجد المكان فارغ و هذا ما أشعل النيران بشكل كبير داخله و قال پغضب
أكيد عند سليم
و بالفعل سار بخطوات غاضبة وكأنه يأكل الأرض حيث تراقص الإنفعال الشديد على ملامحه إلى أن وقف أمام غرفة ابن العم متجاهلا المساعدة التي كادت تتحدث معه وفتح الباب فجأة ليتصاعد غضبه و يتضاعف حين وجدها تضحك بقوة و ابن عمه سليم يحاول تثبيت وجهها و بسمة مشرقة تتراقص فوق شفتيه مسلطا عينيه على عنقها من الجهة اليمني عقد حاجبيه وواصل سيره إليهم ينظر إلى يديه و قد وجد أنامله تعبث عند طرف أذنها و يده الأخرى يضعها أسفل ذقنها يحاول تثبيتها و هي تقبض على يده بقوة وتعض شفتيها ولازالت بسمتها تزين شفتيها بينما يحذرها هو ضاحكا
أثبتي ياسديم بقاا
اخترقت رائحة عطره المميزة أنفها لكنها انتظرت إلى أن اقترب منهما و اختطفت بطرف عينها نظرة تجاهه وتأكدت أنه هو بدأت بسمتها تختفي تدريجيا و لكنها قالت بلطف
خلاص ياسليم مش مشكلة هو مش واجعني أصلا
هز الآخر رأسه بالسلب ورحب بابن عمه سريعا و لم يحرك ساكنا حتى عينيه لم تتحرك قيد أنملة عن نحرها
أهلا ياآسر اقعد واقف ليه لحظات وابقا معاك
ثم أكمل
لا لا استني دقيقة واحدة بس خلاص خرجته
وبالفعل ماهي إلا لحظات و اخرج القطعة الصغيرة العالقة بأذنها و وضعها داخل يدها مع ماتبقى من قرط أذنها المحطم و قال بعبث
تستاهلي عشان قولتلك الصبح ودنك لونها أحمر وضحكتي
ابتسمت له و قالت وهي تلكزه بكوعها في كتفه بخفة خلاص بقاا أنا كنت فاكراك بتهزر
أمسك ذراعها و مال بجزعه العلوي ثم أمسك المحارم الورقية و وضعها داخل يدها يقول ببسمة لطيفة غافلا عن عيني ابن عمه التى أصبحت اشبه بجهاز التسجيل لما يحدث بينهما خاصة منها
بس برضه ادخلي اغسلي ودنك عشان فيه ډم خفيف خالص و لو حصل حاجه نروح للدكتور
هزت رأسها بالإيجاب و تناولت من يده المحارم الورقية تتجه إلى مرحاض مكتبه و عينيه لازالت تتابعها و قد اشتعلت نظراته من تجاهلها إياه دون مبرر وبشكل ملحوظ للغاية ألا يكفي اللمسات والحديث المتبادل بينهما أفاق على صوت سليم يقول بتوضيح عفوي
سديم حلقها اتكسر و كنا بنخرج جزء باقي منه لو كانت أميرة كان زمانها خاربة الدنيا كلها بس سديم عاقلة أوي بصراحة
نظر إليه بصمت للحظات ثم هز رأسه تجاوبا مع حديثه يردف باقتضاب
عندك حق أنا هروح اشوف اللي ورايا كنت جاي افكرك بالمعاد بتاع بكرة عشان عمي عاصم عايز سديم تطلع
معايا السفرية دي
إلتفت كلا منهما على صوتها تقول بدهشة واستنكار لعدم معرفتها المسبقة بالأمر
سفرية إيه مين قال إني هروح معاك في مكان
صمت آسر ينظر إليها بهدوء مريب بينما تحدث سليم حين شعر بالحرج من ردها الجاف للغاية مع ابن عمه
سديم السفريات دي بتكون مفاجأة وجوا البلد متقلقيش يعني
ولم يحاول آسر إطالة فترة صمته حيث عقد حاجبيه وأردف
وتقلق ليه أصلا هو أنا هاكل حته منها عندك أي كلام قوليه لعمي عاصم هو اللي عايزك تيجي مش أنا أنا عن نفسي مش بحب أسافر مع حد
تركهما وغادر و عقدت حاجبيها تسأل بدهشة عن سبب انزعاجه إلى تلك الدرجة
ماله دا هو أنا جيت جنبه
تنهد سليم و قال بحزن آسر فعلا مش بيحب يسافر مع حد من العيلة في العربية و إنه وافق تروحي معاه دي معجزة هو أكيد متوتر بس كدا
تذكرت حاډث والدته الذي قصه عليها حين أخبرها عن سره الوحيد و شعرت بالحرج من طريقتها معه بالرغم أنه احترم تجنبها له ولم يحاول ازعاجها بالفترة الأخيرة هو بالفعل سيئ الظن لكنه لا يستحق كل هذه المبالغة و فظاظة التعامل أمام ابن عمه
زفرت أنفاسها بهدوء ثم أردفت وهي تغادر الغرفة
خلاص أنا هتصرف .
تركها تغادر مكتبه ثم رفع هاتفه يحادث يوسف قائلا
بقولك إيه معرفتش حاجة عن كريم دا اللي بيظهر ويختفي بطريقة غريبة من وقت حاډثة آسر
صمت لحظات ينصت إليه ثم قال رافعا حاجبه
يعني هو قالك بيروح كتير المدرسة دي لأ خلاص أنا هشوف بنفسي
أغلق الهاتف و اتجه إلى مكتبة يغلق حاسوبه ويجمع متعلقاته ثم رحل
بينما وقفت سديم خارج غرفة مكتبه الخاص و تنفست بهدوء وهي تهمس لحالها بتوتر طفيف
هي دقيقة واحدة بس هقول مقصدش وأخرج
طرقت الباب و ارتفع صوته يسمح لها بالدخول و قد فعلت ثم وقفت محلها تنظر إليه حيث كان يقف عند النافذة و يوليها ظهره العريض تحركت تجاهه و رمشت بتوتر حين استدار يراقب تقدمها منه صامتا لكنه لاحظ تحديقها به وكأنها تستكشفه من جديد حين سارت عينيها فوق جسده لقد اعتادت رؤية كتفه المصاپ و كأنه اكتسب وسامة فوق وسامته و طغت هيبته حين سقطت أشعة الشمس من خلال الزجاج وتراقصت فوق بشرته و ماظهر من صدره العريض أم أصابها الجنون من فرط جلوسها مع شقيقه يوسف و أصبحت تهتم بأشياء غريبة لكنه حقا قد نجح بلفت انتباهها هذه المرة صعدت بعينيها إلى وجهه المبتسم لها بهدوء و أردفت بخجل من تحديقها الجرئ به و خاصة حين شعرت أنه أدرك سبب شردوها لذلك يبتسم لها
أنا هسافر عادي
استدارت و كادت تفر من أمامه مندهشة لكنه أسرع يجذبها من خصرها إليه و قد أصبحت بحالة يرثى لها حيث بدأ صدرها يعلو ويهبط كعادتها معه و كأن وجهها أصبح مثل كرة الڼار المتوجهة من فرط توترها خاصة أنها كانت تتعمد الهروب منه بفترتها الأخيرة حتى بعد أن أدركت أنه سرق عقد سليم بتلك الليلة لكنها حين حسمت أمرها شعرت أنها بدأت تحيد عن طريقها معه و أنه بدأ يعلم عنها أمور كثيرة وهذا أرعبها على شقيقتها لأنه من الممكن أن يتهور و يدمر ترتيبات تخليصها هي وعائلتها الصغيرة من براثن خالها وليتها لم تقترب منه اليوم أيضا بدأت أنفاسه الساخنة تلفح بشرتها و اتسعت عينيها حين وضع أنامله أسفل ذقنها و ترك يديها تستقر فوق صدره و